الأربعاء - 31 ديسمبر 2025 - الساعة 11:15 م بتوقيت اليمن ،،،
17 يوليو:خاص
قال محمد سعيد أحمد إنه لم يكتب يوماً كلمة واحدة ضد عبد الكريم أحمد عبد الله الشيباني، بل كان – على حد وصفه – من أقرب المقرّبين إليه وأكثر المدافعين عنه، ممن يسارعون إلى تكذيب أي حديث سلبي يُتداول باسمه دون تردد. وأضاف أنه كان يرى فيه الرجل الأقدر على تحمّل مسؤولية الأسرة بعد رحيل والده، والحارس الأمين على إرثها الصناعي، وفي مقدمته مصنع الأسرة «كميكو»، الذي أفنى فيه الوالد سنوات عمره وجهده.
غير أن هذه القناعة، بحسب شهادته، انهارت كلياً. يقول محمد سعيد أحمد إنه يكتب اليوم «بمرارة الندم»، بعد أن سقط القناع وتهاوت الرواية التي صدّقها طويلاً، ومعها تهاوت صورته أمام نفسه قبل الآخرين.
ويشير إلى أن نقطة التحوّل جاءت عقب اطلاعه على بيانٍ وصفه بـ«المؤلم»، صادر عن أخوات عبد الكريم الشيباني. بيان – كما يقول – لم يكن مشبعاً بروح الخصومة، بقدر ما كان صرخة قهر واستغاثة. نساء خاطبن مشايخ القبائل ووجهاء المجتمع، لا سعياً وراء شهرة، بل بحثاً عن إنصاف من ظلمٍ نسبنه إلى أخٍ كنّ يعتقدن أنه السند، فإذا به يتحوّل، وفق روايتهن، إلى خصم قاسٍ.
وبحسب ما ورد في البيان، تتهم الأخوات شقيقهن الأكبر بالاستحواذ على مصنع «كميكو»، أكبر ما خلّفه الوالد، رغم أن الإرادة – كما تقول الرواية – كانت تقضي بتوزيع الحصص بين الأبناء والبنات والشركاء. وبدلاً من تنفيذ الوصية، جرى – وفق الشهادة – التعامل مع حقوق الشركاء وكأنها ملكية شخصية.
ويقرّ محمد سعيد أحمد بأنه لم يصدّق هذه الرواية في بدايتها، مرجّحاً سوء الفهم أو المبالغة العاطفية أو حتى التحريض الخارجي. إلا أنه قرر التحقق بنفسه، فتواصل بهدوء مع مقرّبين من الأسرة، ومع أشخاص كانوا حتى وقت قريب في صف عبد الكريم. ويؤكد أن الشهادات التي جمعها جاءت «متطابقة وصادمة»، وتحدثت عن إقصاء الشركاء والاستحواذ الكامل على الشركة، رغم أن عبد الكريم – بحسب ما نُقل إليه – كان قد استلم قيمة حصته نقداً في حياة والده.
عند تلك النقطة، يقول الشاهد، أدرك أنه كان يعيش وهماً طويلاً، وأنه برّر الظلم باسم الثقة، ودافع عن الطمع تحت لافتة الولاء.
ولا يتنصّل محمد سعيد أحمد من موقفه السابق، معترفاً بأنه كان واحداً ممن وقفوا مع عبد الكريم، وشارك أحياناً في تبرير تصرفاته بذريعة «الإدارة» و«المعرفة». كما أشار إلى قربه من دوائر نفوذ تحيط به، من بينها شخص يُعرف باسم عبد الله الماهوب، يعمل في مكتب يتبع أنصار الله، وتبيّن – وفق قوله – أن له صلات نافذة داخل مؤسسات قضائية وأمنية.
ووفق ما أفادت به مصادر متعددة، فإن هذه الدوائر – بحسب الشهادة – كانت تعرقل أي مسار قانوني يهدف إلى إنصاف الشركاء، بدوافع مادية بحتة. ويُقال إن الماهوب كان يتردد على مكاتب رسمية ويمارس ضغوطاً لتعطيل الإجراءات، فيما كان عبد الكريم يدير أموال الشركة خارج الأطر النظامية، من خلال البيع النقدي والتصرّف بالعائدات دون إدخالها في الحسابات الرسمية.
الأخطر، كما يرد في الشهادة، أن خيوط النفوذ امتدت إلى أروقة القضاء. فقد رُفضت عرائض الشركاء دون مسوغات قانونية واضحة، وتحدثت مصادر موثوقة عن تواصل مباشر مع قاضٍ في وقائع قيل إن عليها شهوداً وصوراً متداولة. وعند سماعه بذلك، يقول محمد سعيد أحمد إنه لم يجد إلا سؤالاً واحداً يلحّ عليه: «إلى هذا الحد يمكن للنفوذ أن يطمس العدالة؟».
ويؤكد أن القضية، كما تكشّفت له، لا يمكن اختزالها في خلاف تجاري، بل تمثل «منظومة تعطيل متعمّد وتواطؤ ومصالح متشابكة»، أغلقت أبواب الدولة في وجه نساء وشركاء، ودفعَت بعضهم – بحسب ما بلغه – إلى التفكير في تصفية الشركة وبيع ممتلكاتهم بعد بلوغهم مرحلة اليأس.
ويختتم محمد سعيد أحمد شهادته باعتراف صريح قائلاً:
«كنت شاهداً أعمى. دافعت عن الباطل ظنّاً أنه الحق، وسكتُّ عن الظلم باسم الحفاظ على الأسرة. لكن بعد أن اتضحت الصورة، لم يعد الصمت ممكناً ولا مقبولاً».
كما يناشد كل من وقف مع عبد الكريم بحسن نية أن يعيد النظر، وأن يستمع للطرف الآخر، لأصوات نساء خرجن إلى العلن بعدما خذلهن الجميع، موجهاً نداءً إلى رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة والسلطة القضائية للتعامل مع هذا الملف بعين العدالة لا بعين المصالح، محذراً من أن استمرار الظلم لا يدمّر أسرة واحدة فحسب، بل يهدد الثقة بالدولة ويشوّه مؤسساتها ويضرب الاستثمار والمجتمع.
ويصف شهادته بأنها «صرخة متأخرة لكنها صادقة»، صرخة ندم واستنكار ومطالبة واضحة بالإنصاف.