صحيفة 17يوليو/كتب/اللواء الركن مسفر الحارثي
في ركب الكبار، لا يضيع المجد، ولا تُخطئ العظمة طريقها.. وهناك، في شبوة العز والشموخ، وُلد رجلٌ استثنائي اسمه عارف عوض الزوكا العولقي. لم يكن مجرد سياسي عابر، ولا شخصية عامة تُنسى بعد رحيلها، بل كان مدرسة متكاملة في القيم، في الوفاء، في الإباء.
كان الزوكا كريماً كأنه وريث الأرض، يمشي على ترابها كأنه سيدها، يحترق قلبه حُباً لوطنه، ويغلي دمه غضباً لكرامته. عبقريته لم تكن تُقاس بالشهادات، بل بالفكرة المتوقدة، والرؤية النافذة، والموقف الذي لا يعرف المساومة.
من يقرأ سيرته أو يعرفه عن قرب، يدرك أنه لم يكن يوماً مراوغاً أو مخادعاً، لم يلبس قناعاً ولم يتقن التلاعب بالكلمات، كان صادقاً حد الشفافية، واضحاً حد النقاء، وعزيزاً حد الكبرياء.
معتز بنفسه كملكٍ متوّج، شامخ الرأس، صلب الإرادة، لا يُذكر الوفاء إلا ويقفز اسمه، ولا تُروى المروءة إلا ويكون هو ملامحها وتضاريسها. كان رجلاً يحيا بقلب فارسٍ وروح قائد، لا يعرف التخاذل، ولا يرتضي بالذل، ولا يسلك طريقاً معوجاً وإن كلّفه ذلك حياته.
وحين جاء الرحيل، رحل الزوكا شامخاً كما عاش، مجللاً بالسمو، مُطرزاً بالعزة، لا في حياته فقط، بل حتى في موته الذي صار حديث الوفاء، وميدان الرجولة، ودليل الشرفاء.
عارف الزوكا لم يكن مجرد اسم في قائمة شهداء الوطن، بل كان نبراساً، ووهجاً، وقيمةً ستظل تتوارثها الأجيال، جيلاً بعد جيل.
رحمك الله، أبا عوض، يا من بالغت في السمو حياً وميتاً، ويا من رسمت للرجولة سُطوراً لا تُمحى، وللوفاء وجهاً لا يغيب. لن تنساك شبوة، ولن تنساك اليمن، ولن تنساك ميادين العزة والكرامة.
وفي الأخير لا نقول إلا من سلّم سلِم، ومن قاتل قُتل.