أراء ومقالات

الخميس - 12 يونيو 2025 - الساعة 07:10 م بتوقيت اليمن ،،،

صحيفة 17يوليو/ كتب/نبيل عبدالله صالح

لم يكن الوزير أحمد بن أحمد الميسري وزيرًا تقليديًا مرّ على كرسي وزارة الداخلية كما مرّ غيره، بل كان رجل مرحلة، ورجل دولة أدرك مبكرًا أن القيادة الحقيقية ليست موقعًا سلطويًا، بل قرار أخلاقي وطني ينبع من وعيٍ بالتاريخ، ومن إدراكٍ عميق لمعنى الدولة ومعنى غيابها.

لم يولد هذا الإدراك فجأة، بل تشكّل في وعي الميسري من خلال مسيرته السياسية الطويلة، التي تنقّلت عبر مراحل اليمن الجنوبي، واليمن الشمالي، والوحدة، وما بعدها من اضطراب وتشظٍّ. عاش فترات الدولة حين كانت مؤسساتها صلبة، وعاش فترات الغياب حين تآكلت هذه المؤسسات وتحوّلت إلى هياكل خاوية. لذلك، لم يكن تعامله مع وزارة الداخلية بوصفها وزارة أمن فقط، بل بوصفها نواة للدولة، وروحًا للنظام والقانون.

حين قاد الميسري الوزارة، لم يكن فقط يعيد بناء المعسكرات والمقرات، بل كان يعيد بناء ثقافة الدولة داخل قلوب منتسبي الداخلية، ويغرس فيهم احترام النظام، والانضباط، والاعتزاز بالانتماء لمؤسسة وطنية لا لجهة أو جماعة أو مذهب أو حزب. كانت كل عملية ترميم، وكل آلية تسلم، وكل جهاز يُركب في مكتب، فعلًا رمزيًا يقول: "هذه دولة يجب أن تُحترم… وهذه وزارة يجب أن تعمل."

لقد كان يعرف أن الفوضى ومنطق الا دوله لا تُهزم بالخطابات والشعارات بل ببناء الوعي الصحي لمفهوم الدوله والوطن والمواطنه والوحده الوطنيه فتتكون الثقة، وثقافة تثبيت النظام، ومنح الناس شعورًا أن هناك من يسهر على أمنهم، لا على مناكفات الخصوم. الدخول في اجراءات امنيه مركبه اصبحت تشوه الكثير وتحرق الصوره التاريخيه للامن والامان كالذين لاحظوا اليوم من تجاوزات واختطافات واغتيالات

وبعده، لم يسقط البناء فقط… بل سقطت الفكرة.

لم يكن الفراغ الذي خلفه غياب الميسري مجرد غياب مسؤول، بل غياب فلسفة في القيادة، وفهمٍ نادرٍ لمعنى الدولة. في زمن الضياع والمشاريع الضيقه البعيدة كل البعد لمفهوم الدوله، ولم يحملوا مشروعًا ولا تصورًا أخلاقيًا لدورها. فارتبك الأداء، وعادت المظاهر القديمة التي تقتل الإيمان بالدولة وتفتح الأبواب للعبث.

اليوم، نحن بحاجة لاستعادة التجربة، لا بصفتها تجربة رجل، بل كمسار وطني. باحمد الميسري او غيره ولدينا نموذج واضح وهو سوريا التي خاضت نفس التجربه السلبيه ثم صحح الضمير الوطني الجمعي لابناء الشعب السوري انحراف المسار وعادت الى تلك الروح التي كان يريدها احمد الميسري للوطن ومفهوم الدوله والمواطنه والوحده الوطنيه