أراء ومقالات

الخميس - 12 يونيو 2025 - الساعة 07:08 م بتوقيت اليمن ،،،

كتب/د. هزم احمد

لم يكن ما فعله الوزير أحمد بن أحمد الميسري في وزارة الداخلية مجرد إجراءات إدارية، ولا خطة إصلاحية باردة تقرأ في التقارير، بل كان ما فعله إعلانًا رمزيًا عن عودة الدولة ومحاولات مسؤوله وطنية من شخص الوزير لاعاده المعنى من غياهب التفكك،والتشردم والتجزؤ بين افكار متضاربة مزدوجة قسمت الناس وغرست بينهم الخلاف والانتقام والاحتقان
وتذكيرًا للجميع أن المؤسسات ليست أبنية إسمنتية، بل إرادة سياسية وشجاعة أخلاقية وروح مقاومة للفوضى.

لقد خاض الوزير معركته، لا ضد خصوم سياسيين فقط يحملون مشاريع ضيقةالذي مد يده اليهم ليدخلوا ضمن اطار المعنى والمفهوم الذي يؤمن به، بل ضد اليأس المتراكم في نفوس منتسبي الداخلية واهم من ذلك كله هو غياب المعنى من الدولة ومفهوم الدولة والانضباط في اهم مؤسسة سيادية للدولة في دولة مثل اليمن، وضد ذاكرة طويلة من الإهمال والتهميش والخراب المؤسسي. ما فعله كان أشبه بإعادة بعثٍ لمؤسسة الأمن من تحت ركام الانهيار. كان كمن ينفخ في جسد الدولة روحًا جديدة، مسكونة بالانضباط والهيبة والمعنى.

القيادة هنا لم تكن مجرد إدارة، بل كانت قرارًا أخلاقيًا.
أن تُجهّز المعسكرات، أن تبني المقرات، أن تعيد للجنود احترامهم لأنفسهم عبر الغذاء المنتظم والزي الموحّد والمهمات المكتملة ضمن سياق معنى الدولة التي تخدم المواطن وليست دوله تقمع المواطن مثل هو الذي حاصل اليوم هذا ليس رفاهًا إداريًا، بل هو الترجمة اليومية لمعنى الكرامة للمواطن بوجود معنى للدولة وليس مجرد شكل من اشكال الميليشيا والمكونات الازدواجية المتضاربة في سلطاتها الذي لا يمكن لمؤسسة أمنية أن تؤديه إذا كانت من الداخل جائعة ومهانة ولذلك كان حريصا على الاستقلاليه والارادة المستقلة والقرار الحر السيادي الوطني لانه يعلم جيدا معنى ذلك كي لا تكون رهينة او مرتهنا تابعا خاضعا لمن يدفع لك الفلوس.

فعل الوزير أكثر من ترميم مبانٍ… لقد رمم المعنى.
حين أعاد تجهيز كلية الشرطة، ومستشفى الشرطة، ومقر العمليات، ومصلحة الجوازات، وإدارة مكافحة الإرهاب، لم يكن يعيد فقط البنية التحتية، بل كان يعيد ترسيخ المفهوم الغائب: أن هناك دولة، وأن الدولة تعني خدمة المواطن، وتعني ضبط الأمن، وتعني أن يثق المواطن أن هناك من يحرس ليلة لا من يهدده فيه.

.

الوزير الميسري لم يكن مجرد وزير داخلية… كان مشروع دولة.
لهذا، حين غادر، لم ينهار المبنى فقط، بل انهار المعنى. تراجعت المؤسسات، وتراجعت الكفاءة، وعاد التسيب، لصالح مفهوم الازدواجية السياسية والامنية وتضارب السلطات فيما بين العناصر الامنية على حساب الوطن والمواطن لأن من أتى بعده لم يكن يملك مشروعًا، بل مقعدًا، ولم يكن يرى في المؤسسة روحًا، بل آلة. لخدمه إجندته المناطقيه

ولأن الدول لا تبنى بالقوة فقط، بل بالقيم، فإن تجربة الميسري يجب أن تُقرأ في ضمير الناس خصوصا مع ما نشادها اليوم من اداء الاجهزة امنية قوية لديها السلاح والعسكرات ولكنها لا تعمل بمعنى الدولة والوطن والمواطن والمواطنة، . لقد أثبت أن المسؤولية شرف، وأن الوزارة ليست امتيازًا بل عبء مقدس، وأن بناء الجدران سهل، لكن بناء الثقة أصعب وأثمن.

ومن هنا، يصبح السؤال اليوم ليس فقط: لماذا انهار المعنى بعده؟ بل: هل لدينا من يستطيع أن يكرر التجربة، لا كنسخة، بل كمبدأ ومعنى؟
وهل ما زلنا نملك ما يكفي من الإرادة الأخلاقية والسياسية لكي نستعيد الدولة من جديد