أراء ومقالات

السبت - 17 مايو 2025 - الساعة 07:06 م بتوقيت اليمن ،،،

صحيفة 17يوليو/ كتب/لؤي الكمالي

حين تشرفت بالجلوس مع الأستاذ محمد هشام باشاراحيل، أدركت سريعًا أنني أمام شخصية استثنائية، مثقفة، وواسعة الأفق. كان حديثه عميقًا، يحمل بين كلماته خبرة السنين، وحنينًا متأصلًا لوطنٍ يعرف تفاصيله جيدًا.

كنت أستمع إليه بكل انتباه، وكلما تحدّث عن تعز، شعرتُ بفخرٍ مضاعف لكوني أنتمي إلى هذه المدينة. لم تكن كلماته عن تعز عابرة أو مجاملة، بل كانت صادقة، نابعة من محبةٍ حقيقية وارتباط وجداني أصيل. وصفها بأنها مدينة تقاوم، وتنهض من تحت الرماد، وتحمل بداخلها وهجًا لا يخبو، وثقافة لا تموت.

وزادني فخرًا عندما رأيته في إحدى زياراته الأخيرة لتعز، يقف متأملًا أمام النصب التذكاري لمعبر الدحي، حيث وثّق اللحظة بعدسته، كأنه يقرأ في المكان ذاكرة النضال، ويستحضر كل من مرّ من هناك حاملًا الحلم والحياة رغم الحرب. كانت تلك الصورة رسالة صامتة لكن عميقة، تقول بأن تعز تستحق التوثيق والاحترام، بكل تفاصيلها الكبيرة والصغيرة.

وفي زيارة أخرى، تجلّى تقديره للعلم والمعرفة حين زار جامعة تعز، تلك القلعة الأكاديمية التي صمدت في وجه التحديات، وواصلت رسالتها رغم الظروف الصعبة. كان حضوره هناك أكثر من مجرد زيارة عابرة، فقد عبّر عن احترامه العميق للجامعة، ولأعضاء هيئتها التدريسية، وطلابها الذين يمثلون مستقبل اليمن. لم تكن زيارته رسمية، بل كانت إنسانية، مليئة بالإعجاب والاهتمام، وكأنّه يرى في الجامعة رمزًا لصمود المدينة بأكملها.
وهو ما شعرت به أنا أيضًا كطالب في كلية الهندسة بجامعة تعز، حين تابعت زيارته واهتمامه، فازددت فخرًا بجامعتي واعتزازًا بانتمائي لها.

واليوم، وبعد أن انتقل إلى عدن، ما زال ذلك الوفاء حاضرًا في قلبه وعدسته. ففي تغريدة له مؤخرًا، نشر صورة ليلية لمدينة تعز التُقطت من أعلى جبل صبر بعدسته، وكتب فيها:
"من أعلى جبل صبر.. تكتسي مدينة تعز حلة من الأضواء في عتمة الليل، وعلى يسار المشهد تقف قلعة القاهرة التاريخية شامخة تطل على المدينة بهدوء كأنها تحرسها منذ قرون."

هذه ليست مجرد صورة، بل شهادة حب ووفاء. إنها نظرة الأستاذ محمد هشام باشاراحيل لتعز، نظرة من يرى في المدينة روحًا عظيمة تستحق أن تُروى للعالم، وأن تُحفظ في القلب مهما باعدت الأيام بينه وبينها.

لقد علمتني تلك الجلسة، وتلك الصور، وتلك الكلمات، أن الانتماء ليس مكانًا نعيش فيه، بل إحساسٌ نحتفظ به، تمامًا كما فعل الأستاذ محمد هشام مع تعز.