صحيفة 17يوليو/كتب/محمد هشام باشراحيل
منذ أن أدى اليمين الدستورية في الثالث من مايو 2025، بدا واضحا أن رئيس الوزراء ووزير المالية أ.سالم صالح بن بريك لا ينوي الاكتفاء بإدارة الأزمة القائمة بل يسعى لوضع البلاد على مسار إصلاح اقتصادي ومؤسسي جاد. اتخذ سلسلة من القرارات الجريئة التي لاقت ترحيبًا واسعًا في الشارع اليمني واهتمامًا متزايدًا من المجتمع الدولي.
في وقت شهدت فيه الأسواق تقلبات حادة نتيجة تذبذب سعر صرف الريال وارتفاع معدلات التضخم، أطلق رئيس الوزراء حملات ميدانية شاملة لمراقبة وضبط الأسعار، حيث انتشرت الفرق الميدانية في محافظات عدة لرصد المخالفات وفرض آليات جديدة، منها ربط الأسعار بسعر الصرف الفعلي، وتفعيل خطوط ساخنة لاستقبال شكاوى المواطنين، ما انعكس بشكل ملحوظ على استقرار نسبي في أسعار السلع الأساسية.
كما أعاد رئيس الوزراء تفعيل دور الهيئات الرقابية وأمر بإصدار تقارير أسبوعية عن أعمال الرقابة الميدانية للصرافين، مع تطبيق عقوبات صارمة تصل إلى سحب تراخيص الصرافين وإدراج المخالفين في القوائم السوداء، وهو ما عزز الثقة بين الحكومة والمواطنين ورسخ قناعة بأن مكافحة الفساد لم تعد شعارًا سياسيًا بل سياسة تنفيذية على الأرض.
على الصعيد الاقتصادي، طرح دولته خطة لإصلاح السياسة المالية والنقدية من خلال تمكين البنك المركزي اليمني من السيطرة على الموارد والإيرادات، تحسين آليات تحصيلها وإعادة هيكلة الإنفاق العام بما يتلاءم مع الظروف الطارئة إلى جانب تعزيز التنسيق مع المؤسسات الدولية والداعمين الإقليميين.
ورغم التحديات السياسية والانقسامات الداخلية، حافظ بن بريك على خطاب جامع ونهج عملي يقوم على تنفيذ خطوات ملموسة بدلًا من الوعود، مستفيدًا من دعم شعبي متنامٍ ومساندة إقليمية ودولية تمنحه فرصة تاريخية لترجمة الإصلاحات إلى نتائج حقيقية على الأرض.
ويرى مراقبون أن ما يميز تجربته هو الجمع بين الجرأة في القرار والتنفيذ العملي المدروس، ما يجعله أقرب إلى نموذج القادة الذين استطاعوا إخراج بلدانهم من أزمات خانقة. وإذا استمر هذا النهج فإن حكومته قد تشكل نقطة تحول في مسار التعافي الاقتصادي لليمن وتضع الأساس لمرحلة جديدة من الحوكمة الرشيدة.