كتابات وآراء


الثلاثاء - 22 سبتمبر 2020 - الساعة 10:22 م

كُتب بواسطة : نسيم البعيثي - ارشيف الكاتب


لا ينبغي أن يأخذ الواحد والعشرين من سبتمبر ، شكلا أقرب الى الاحتفائية ولو بما يمثله من ذكرى ستظل هي الأسوأ والأكثر بشاعة وفداحة في تاريخ اليمن واليمنيين.

لقد هالني ذلك الكم الهائل من الكتابات التي بقدر ما أحاطت بجوانب سوء طالع هذا اليوم الأسود في حياة اليمنيين منذ ست سنوات، انتابني شعور بأن ذلك ايضا يسير في المقابل لخدمة تكريس الرقم والحدث، فيما يبدو من الملائم اعتبار الانقلاب على الشرعية والنظام الجمهوري انقلابا يمتد عمليا منذ بواكير الحروب التي وصلت الى الحرب رقم 7 في جبال وسهول صعدة قبل ان يتسلل الانقلابيين ومعهم قوى السياسة والاحزاب الى ثورة الشباب والشعب، وتمكين الانقلاب من تأسيس خطابه وأدواته ووسائله، واتاحة الفرص أمامه للإمساك بزمام المغامرة والمؤامرة التي حيكت باتقان مع خصوم القدامى ومن بين صفوف حلفائه السياسيين، وشركاء ما يصفها بالفرصة التاريخية النادرة.

حمل الانقلاب على الشرعية والإجماع الوطني الى واقع اليمنيين مصفوفة أخرى غير مصفوفة الإجماع التي كان يؤمل فيها اليمنيون خارطة نجاة وتجاوز لكل مظاهر واشكال البؤس المزمن وحياة الترقيع في كل شيء.

لم تكن مليشيات الانقلاب الحوثية عابئة أو مكترثة لما يمكن ان تحدثه مغامرتها التي لم تكن تتوقع لها نجاحا، ولكنها بذلت في وقت لاحق من العناء لتخرج الى طوابير المغفلين في صفوفها بتفسيرات خرافية تربط اسقاط الشرعية والمؤسسات في صنعاء والسيطرة تباعا على محافظات وصولا الى عدن ، بالتمكين الإلهي وانه لا سوى ذلك مددا ونصيرا، حتى إنه يصعب إن تحاول اقناع أحد هؤلاء المغفلين أن ما حدث هو ناتج خلل في منظومة السياسة والأداء والفعل الثوري الذي أعقب ثورة 11فبرير، كما هو نتيجة موضوعية لانهماك القوى التي خرجت من فبراير لتتقاسم لا لتحافظ على الثورة وقيم التغيير ومبادئه واهدافه، بالتزامن مع وصول تشكلات الثورة المضادة الى مراحل صارت أكثر دراية باقتناص اللحظة الملائمة لتتويج المخطط بانقلاب عارم ومكتمل الاركان.

وبالمحصلة، وحده الشعب يدفع الثمن، حين لا تكون هناك قوى حية تحرس أحلامه بالتغيير والتوق الى الخلاص من الاستبداد والفساد.
لقد كانت المليشات الحوثية الايرانية في موقف المتربص لكل هذا الخذلان، لتعبر من خلاله الى مقدمة الصفوف، بلبوس الثائرين والتواقين الى انجاز حلم التغيير والحياة الكريمة، ولكن في باطن الأمر ما سوف يحمل للجموع وعود الموت والحروب والجوع والدمار .

وجاء اليوم الأسود في سبتمبر 2014، تدشينا لانقلاب متكامل الأركان على جمهورية اليمنيين، أجمل واقدس مكاسبهم على الإطلاق، ذلك أن محاولة وأد النظام الجمهوري وإحلال قيم نظام الاستبداد الامامي الرجعي المتخلف، هو غاية ما يريده الانقلاب المسنود من ملالي طهران، ولو أبدى الانقلابيين الكثير من الشواهد الظاهرة التي يزعمون من خلالها انهم جمهوريون.

لقد صار اليمنيون في مواجهة عصابة تتنفس كراهية للجمهورية والنظام الجمهوري،وللأجيال الجمهوريين، ولكل ما يرتبط بالتفكير والسلوك الجمهوري، مهما بذل زعماء وقيادات هذه العصابة من جهد في الظهور كجمهوريين ومنافحين عن الجمهورية.
وكان لليمنيين حظ وافر في استجابة الأشقاء وفي المقدمة المملكة العربية السعودية، لنداءاتهم واستغاثاتهم، فكان احباط وافشال مخطط التهام اليمن من خلال تحالف عربي واسع لا تزال تقوده السعودية الى اليوم، وتبذل الكثير من الدعم والمساندة حتى انجاز اليمنيين للنصر المؤزر ضد العصابة الكهنوتية العنصرية والأذرع الإيرانية المفضوحة في صفوف اليمنيين الأحرار.

إن اليمنيون معنيون بدرجة قصوى، بالاحتفاء كما ينبغي بالسادس والعشرين من سبتمبر ، الشاهد التاريخي على انعتاقاتهم من ربقة الاستبداد الى الأبد، وفجر أحلامهم وآمالهم. ومادون سبتمبر الخالد واكتوبر المجيد من العام 62 من القرن الماضي، الا الخرافة والأوهام والتخلف والموت.